أخبار عالمية

ko

عالمية: 3 ضربات مؤلمة لصناعة السيارات اليابانية.. واللاعبون الجدد يهددون حصتها العالمية

السبت 06 يونيو 2020 11:40 صباحاً المشاهدة(445)

(الاقتصادية)
 
عندما يتطرق الحديث إلى صناعة السيارات اليابانية وتاريخها، فإنه غالبا ما يتم ربطها بفترة الستينيات من القرن الماضي، ودخولها مرحلة المنافسة مع عمالقة شركات السيارات الأمريكية والألمانية.
 
وتاريخ صناعة السيارات اليابانية لا يقل عراقة عن تاريخ منافسيها، حيث إنه في الواقع يحمل كثيرا من الإثارة، إذ إن أول وكيل سيارات في تاريخ اليابان كان شركة لوكومبيل الأمريكية المتخصصة في استيراد وبيع السيارات البخارية الأمريكية.
 
وشركة لوكومبيل شركة أمريكية رائدة في مجال صناعة السيارات تأسست عام 1899، وفي عام 1901 أنشأت أول صالة عرض لها في طوكيو، وسنح لليابانيين الفرصة لإلقاء نظرة فاحصة على السيارات المعروضة.
 
في عام 1902 بعد نحو عام من ظهور أول سيارة في اليابان، أنتج فني ياباني لم يتجاوز 21 عاما يدعى كومانوسوكي سيارتين تجربيتين، وبحلول عام 1907 أنتج أول سيارة بمحرك بنزين يابانية الصنع بالكامل.
 
بعد الحرب العالمية الأولى، بدأت الشركات اليابانية - بتوجيه من الحكومة والجيش الإمبراطوري - في إنتاج شاحنات عسكرية، ولاحقا بدأت أسماء مثل "تويوتا" و"نيسان" نشاطهما، ليضعا اللبنة الأولى لصناعة السيارات اليابانية، وفي عام 1933 تأسست شركة نيسان، وفي العام نفسه أنشأت شركة ماكينات النسيج "تويوتا جدو شوكي" التي أصبحت لاحقا "تويوتا" قسم سيارات، ورغم ذلك كانت صناعة السيارات اليابانية غير ذات أهمية طوال الحرب العالمية الثانية، وانصب إنتاجها على الشاحنات والحافلات العسكرية والصناعية فقط، وحتى ذلك التاريخ كان من العسير أن تمتلك أسرة يابانية سيارة.
 
مع هزيمة اليابان في الحرب العالمية الثانية حظر الحلفاء عليها إنتاج السيارات حتى عام 1950، وانحصر الإنتاج في بعض الشاحنات المحدودة، لكن "نيسان" و"تويوتا" استأنفتا أعمالهما. ومع إنتاج الشركات اليابانية مزيدا من السيارات، قيدت الحكومة واردات السيارات من أجل تعزيز الصناعة.
 
يصف الدكتور بيتر جونسون أستاذ التاريخ الياباني الحديث القرار الحكومي الياباني، بأنه وضع بذرة نهوض صناعة السيارات اليابانية.
 
ويقول لـ"الاقتصادية"، "إن الحكومة اليابانية أدركت أن قرارها لن يتعرض لانتقاد من الدول المنتجة للسيارات، حيث إن السوق اليابانية كانت صغيرة جدا وغير جذابة، واستغلت وزارة الصناعة اليابانية الوضع الجديد، لدفع صناعة السيارات اليابانية إلى التخلص من الشركات الصغيرة من خلال عمليات الدمج، ليصل الأمر إلى بدايات الصورة الراهنة لصناعة السيارات اليابانية".
 
وبالفعل فإن عملية الاندماج الصناعي أسهمت في زيادة الإنتاج السنوي الياباني من المركبات من عشرة آلاف مركبة عام 1953 إلى 20 ألفا عام 1955، وفي أواخر الخمسينيات بدأت اليابان في تصدير السيارات، لكن الأمر ظل محصورا في عدد محدود من السيارات، وبنهاية العقد الستيني أصبح إنتاج اليابان مشابها لإنتاج دول أوروبا الغربية، وتجاوزت صادراتها من عشرة آلاف سيارة عام 1961 إلى مليون سيارة بعد عشرة أعوام تحديدا.
 
ويؤكد لـ"الاقتصادية" مات سميث المهندس الاستشاري في شركة فوكسهول للسيارات، أن الصادرات اليابانية استهدفت الأسواق الغربية، تحديدا السوق الأمريكية، لكن سمعة الموجة الأولى من صادرات السيارات اليابانية لم تكن جيدة، إلا أن سعرها المنخفض نتيجة انخفاض قيمة الين الياباني في مواجهة الدولار الأمريكي، زاد من جاذبيتها خاصة في الأسواق الأمريكية، وزادت شعبيتها نتيجة صدمة النفط عام 1973، إذ تميزت باستهلاك اقتصادي للوقود.
 
ويضيف "رفعت الحكومة اليابانية الحد الأقصى على الاستثمار من 50 في المائة إلى 100 في المائة، ما سمح بتحرير كامل رأس المال في صناعة السيارات اليابانية، وأوجد ذلك فرصة لإعادة هيكلة الصناعة من خلال مزيد من الدمج، وضمان الإنتاج الضخم الضروري للبقاء في المنافسة الدولية، وأصبح من الواضح أن عيون اليابان تتجه إلى التصدير، وبعد أن كانت السيارات المصدرة تقل عن 10 في المائة من إجمالي إنتاج السيارات عام 1965 بلغت 38.6 في المائة عام 1975".
 
لكن الاهتمام بالأسواق الخارجية، لا يتناقض مع أن السوق المحلية، ظلت محور الاهتمام الأول. وبحلول عام 1985 بات هناك سيارتان لكل ثلاث أسر يابانية، وتركزت الملكية لدى الأسر الزراعية، وباتت تمتلك 73 في المائة من السيارات اليابانية.
 
لكن اقتصاد الفقاعة الياباني - وهو الاسم الذي يطلق على الفترة بين 1987-1991، حيث تمتعت اليابان بازدهار اقتصادي - سجلت فيه صناعة السيارات أرقاما غير مسبوقة، إلا أن انهيار الاقتصاد الياباني عام 1991 أدخل البلاد في ركود انعكس على طلب ضعيف في الداخل على السيارات، وتراجع في الصادرات أيضا، وانخفض الإنتاج السنوي من السيارات ليصل عام 1994 إلى ما كان عليه عام 1980 وقدر بـ10.5 مليون مركبة.
 
يبدو أن صناعة السيارات اليابانية، مثل طائر العنقاء، تخرج من نار الركود إلى عالم الازدهار لتحلق من جديد، فبحلول عام 2000 كانت اليابان أكبر دولة منتجة للسيارات في العالم، رغم انخفاض حصتها في السوق الدولية بشكل طفيف، وفي الربع الأول من عام 2008، وقبل انفجار الأزمة المالية تجاوزت "تويوتا" شركة جنرال موتورز لتصبح أكبر مصنع للسيارات في العالم.
 
واليوم اليابان ثالث أكبر سوق للسيارات في العالم، كانت أكبر منتج للسيارات حتى أطاحت بها الصين، ومع هذا لا يزال تصدير السيارات من أكثر الصادرات اليابانية ربحية، وحجر الزاوية في خطة الانتعاش الاقتصادي.
 
ورغم الوقوف أمام تاريخ طويل وثري ومتنوع أحاط دائما بصناعة السيارات اليابانية، إلا أنه مع نهضة التنين الصيني هل يمكن أن يصمد الساموراي الياباني في المعركة المستعرة بين الطرفين في هذا المجال، وهل يمكن أن يحافظ الساموراي على موقعه في تلك الصناعة مع التغيرات التي تشهدها منذ أعوام، والتساؤلات المحيطة بها نتيجة جائحة كورونا؟
 
هذا التاريخ المفعم بالحيوية، وما به من لحظات سقوط مروعة، وأخرى من التألق والعظمة، لا يعني أن الجميع متفق على أن هذا السيناريو سيتكرر دائما، بل يعتقد البعض أن التجربة تقترب من خط النهاية، لتفسح الطريق للاعبين الجدد.
 
يقول لـ"الاقتصادية" المهندس جيمس هيدر خبير استشاري سابق في شركة رولزرويس، "تاريخيا نجاح صناعة السيارات اليابانية كان بفضل قواها الابتكارية، أما اضمحلالها فإنه يعود أيضا إلى تراجع قدرتها الابتكارية".
 
ويضيف "إذا أردنا التعرف على آخر الابتكارات اليابانية، يجب أن نعود إلى ثمانينيات القرن الماضي، أما الآن فإن صناعة السيارات اليابانية تعصر الليمونة ذاتها للحصول على مزيد من العصير، إنهم يقومون بتحسينات وليس إبداعا".
 
ويشير إلى أن اليابان لا تزال أحد أهم ثلاثة اقتصادات في العالم، وواحدة من أكبر مقدمي براءات الاختراع عالميا، وأكبر منتج للسلع الإلكترونية، وثالث أكبر منتج للسيارات بعد الصين والولايات المتحدة، لكن هذا ربما لا يستمر طويلا في ظل بروز لاعبين أكثر حيوية ونشاطا.
 
ويقول "الولايات المتحدة يمكن أن تشير إلى شركة تسلا ونجاحاتها في عالم السيارات الكهربائية، ألمانيا يمكن أن تواصل الافتخار بتطوير "فولكسفاجن"، وآسيا تتحدث عن إنجازات "هونداي"، لكن أين الابتكار الياباني وسط تلك المنافسة".
 
يتفق بعض الخبراء مع وجهة النظر تلك، فشركة تويوتا كانت بطيئة في الانتقال إلى مجال السيارات الكهربائية، وحتى عندما تبنت هذا النهج ركزت على السيارات الهجينة، لكن النظرة العالمية تغيرت وتبدو الآن أكثر ميلا إلى السيارات الكهربائية وليس الهجينة.
 
لكن الباحث في اتحاد منتجي السيارات البريطانية إل. دي تشارلز يوضح أن الأمر مسألة وقت قبل أن تستحوذ "تويوتا" سريعا على سوق المركبات الكهربائية. لكنه يشير إلى قضايا أكثر عمقا وتحديات أضخم أمام صناعة السيارات اليابانية.
 
ويؤكد لـ"الاقتصادية" أنه حتى قبل جائحة كورونا كان هناك انخفاض بسيط في الصادرات اليابانية من السيارات، لكن بصفة عامة هناك ارتفاع في تكاليف العمالة نسبيا، وتقلبات العملة بالنسبة إلى الين تؤدي إلى انخفاض الصادرات في كثير من الأحيان، والمصانع في الهند وتايلاند وفيتنام وإندونيسيا وأمريكا اللاتينية تستفيد من هذا الوضع وتمثل تحديا غير مسبوق للشركات اليابانية.
 
ويضيف "اليابان تسعى إلى إعادة التوازن للصناعة من خلال اتفاقية التجارة الحرة الموقعة أخيرا مع الاتحاد الأوروبي، وتسعى إلى نقل بعض مصانعها إلى الداخل الياباني مرة أخرى، وفي الواقع فإن جائحة كورونا سلطت الضوء أكثر على المصاعب والتحديات التي تواجه صناعة السيارات اليابانية، ودفع انتشار الفيروس بعض شركات صناعة السيارات اليابانية المتعثرة إلى إغلاق جزئي ليزيد أوضاعها سوءا".
 
من جهتها، تقول لـ"الاقتصادية"، الدكتورة لورين سميث أستاذة الاقتصاد الآسيوي في جامعة لندن، "ثلاث ضربات أصابت صناعة السيارات اليابانية أخيرا، أبرزها ضريبة الاستهلاك التي فرضتها الحكومة العام الماضي، ثم موجة من الأعاصير والفيضانات، وأخيرا فيروس كورونا، والأخطر أنه لا أحد يعلم متى سنتغلب على الفيروس ما يجعل من الصعب وضع خطط للإنتاج والمبيعات بشكل عملي".
 
وتراجعت مبيعات السيارات الجديدة في اليابان بنحو 30 في المائة في آذار (مارس) الماضي مقابل 11.7 في المائة في كانون الثاني (يناير) المنصرم.
 
وإذا كانت صناعة السيارات اليابانية أكبر قطاع صناعي في اليابان، وتوظف نحو 5.5 مليون شخص، فإن خسائرها ستصيب الصناعة بشكل مؤلم للغاية، وبما يصيبها بالعجز مستقبلا، فشركة تويوتا يتوقع أن تنخفض أرباحها بنسبة 80 في المائة لتصل إلى أدنى مستوى لها في تسعة أعوام، ولن تتجاوز أرباح التشغيل 4.66 مليار دولار حتى آذار (مارس) المقبل، وستنخفض المبيعات لتبلغ 8.9 مليون سيارة مقابل 10.46 العام الماضي.
 
وفي الواقع فإن "تويوتا" ربما امتلكت الشجاعة للإعلان عن أوضاعها المتراجعة، لكن أبرز خصومها المحليين شركة هوندا، فقد التزمت الصمت تجاه المستقبل، تحسبا أن يكون الإعلان عن توقعاتها، مدعاة للمستثمرين إلى سحب استثماراتهم قبل أن تشهد الشركة مزيدا من التراجع.
 
وتشير الدكتورة لورين سميث إلى أن "تويوتا" لديها احتياطيات نقدية من أعوام الرخاء، يمكن أن تستخدمها في أعوام الشدة، وعلى الرغم من ذلك سعت إلى الحصول على خط ائتماني بتسعة مليارات دولار، بينما الوضع أسوأ وأصعب لخصومها المحليين، ما يمكن أن يسفر عنه عودة إلى الأساليب القديمة لصناعة السيارات اليابانية، القائمة على مزيد من الاندماج، لمواجهة الوضع الجديد والتصدي لمنافسيها الدوليين.



incosteel news
infit- news
soy

اخبار متعلقة

شركة بوسكو الكورية تعيد تشغيل الفرن العالي رقم 4 بعد ترميمه
المشاهدة(41)

استكملت شركة بوسكو الكورية الجنوبية لصناعة الصلب أعمال التحديث في فرنها العالي رقم 4 في مصنعها في بوهانج وأعادت تشغيله، وفقًا لتقارير وسائل الإعلام المحلية.المزيد

شركة "ميرانتي جرين ستيل" السنغافورية تزود شركة "سالزجيتر" بالصلب الأخضر
المشاهدة(46)

أعلنت شركة "ميرانتي جرين ستيل" (MGS) التي تتخذ من سنغافورة مقرًا لها عن تعاونها مع شركة "سالزجيتر مانسمان إنترناشيونال" (SMID)، وهي شركة تابعة لشركة "سالزجيتر" الألمانية لصناعة الصلب، لتوريد لفائفها الخضراء...المزيد

فالوريك تقلل من انبعاثات الكربون باستخدام فحم الكتلة الحيوية في البرازيل
المشاهدة(53)

أعلنت شركة Vallourec المصنعة للأنابيب ومقرها فرنسا أنها بدأت في تطوير مصنع جديد لإنتاج فحم الكتلة الحيوية المستخرج من غاباتها باستخدام تقنية كاربوفال في وحدتها فلوريستال في ميناس جيرايس بالبرازيل. وتتيح هذه العملية، التي...المزيد

اضف تعليق